فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والطهور فعول إما للمبالغة كنئوم فهو معدول عن طاهر، وإما أن يكون اسمًا لما يتطهر به كالسحور والفطور، وإما مصدر لتطهر جاء على غير المصدر حكاه سيبويه.
والظاهر في قوله: {ماء طهورًا} أن يكون للمبالغة في طهارته وجهة المبالغة كونه لم يشبه شيء بخلاف ما نبع من الأرض ونحوه فإنه تشوبه أجزاء أرضية من مقره أو ممره أو مما يطرح فيه، ويجوز أن يوصف بالاسم وبالمصدر.
وقال ثعلب: هو ما كان طاهرًا في نفسه مطهرًا لغيره، فإن كان ما قاله شرحًا لمبالغته في الطهارة كان سديدًا ويعضده {وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به} وإلاّ ففعول لا يكون بمعنى مفعل، ومن استعمال طهور للمبالغة قوله تعالى: {وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا} وقال الشاعر:
إلى رحج الأكفال غيد من الظبا ** عذاب الثنايا ريقهنّ طهور

وقرأ عيسى وأبو جعفر {ميِّتًا} بالتشديد ووصف بلده بصفة المذكر لأن البلدة تكون في معنى البلد في قوله: {فسقناه إلى بلد ميت} ورجح الجمهور التخفيف لأنه يماثل فعلًا من المصادر، فكما وصف المذكر والمؤنث بالمصدر فكذلك بما أشبهه بخلاف المشدد فإنه يماثل فاعلًا من حيث قبوله للثاء إلاّ فيما خص المؤنث نحو طامث.
وقرأ عبد الله وأبو حيوة وابن أبي عبلة والأعمش وعاصم وأبو عمرو في رواية عنهما {ونَسقيه} بفتح النون ورويت عن عمر بن الخطاب.
وقرأ يحيى بن الحارث الذماري {وأناسي} بتخفيف الياء.
ورويت عن الكسائي {وأناسي} جمع إنسان في مذهب سيبويه.
وجمع أنسي في مذهب الفراء والمبرد والزجاج، والقياس أناسيه كما قالوا في مهلبي مهالبة.
وحكي أناسين في جمع إنسان كسرحان وسراحين، ووصف الماء بالطهارة وعلل إنزاله بالإحياء والسقي لأنه لما كان الأناسي من جملة ما أنزل له الماء وصف بالطهور وإكرامًا له وتتميمًا للنعمة عليه، والتعليل يقتضي أن الطهارة شرط في صحة ذلك كما تقول: حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش.
وقدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي لأن حياتهم بحياة أرضهم وحياة أنعامهم، فقدم ما هو السبب في ذلك ولأنهم إذا وجدوا ما يسقي أرضهم ومواشيهم وجدوا سقياهم.
ونكر الأنعام والأناسي ووصفا بالكثرة لأن كثيرًا منهم لا يعيشهم إلا ما أنزل الله من المطر، وكذلك {لنحيي به بلدة ميتًا} يريد بعض بلاد هؤلاء المتباعدين عن مظانّ الماء بخلاف سكان المدن فإنهم قريبون من الأودية والأنهار والعيون فهم غنيون غالبًا عن سقي ماء المطر، وخص الأنعام من بين ما خلق من الحيوان الشارب لأن الطيور والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام فإنها قنية الأناسي ومنافعهم متعلقة بها فكان الإنعام عليهم بسقي أنعامهم كالإنعام بسقيهم.
والضمير في {صرفناه} عائد على الماء المنزل من السماء، أي جعلنا إنزال الماء تذكرة بأن يصرفه عن بعض المواضع إلى بعض وهو في كل عام بمقدار واحد قاله الجمهور منهم ابن مسعود وابن عباس ومجاهد، فعلى هذا التأويل {إلا كفورًا} هو قولهم بالأنواء والكواكب قاله عكرمة.
وقيل {كفورًا} على الإطلاق لما تركوا التذكر.
وقال ابن عباس أيضًا: عائد على القرآن وإن لم يتقدم له ذكر لوضوح الأمر ويعضده {وجاهدهم به} لتوافق الضمائر، وعلى أنه للمطر يكون به للقرآن.
وقال أبو مسلم: راجع إلى المطر والرياح والسحاب وسائر ما ذكر فيه من الأدلة.
وقال الزمخشري: صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وفي سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل، وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال المطر ليتفكروا ويعتبروا ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا، فأبى أكثرهم إلا كفران النعمة وجحودها وقلة الأكتراث بها.
وقيل: صرّفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة وعلى الصفات المتفاوتة من وابل وطل وجود ورذاذ وديمة ورهام فأبوا إلا الكفور.
وأن يقولوا مطرنا بنوء كذا ولا يذكروا رحمته وصنعته.
وعن ابن عباس: ما من عام أقل مطرًا من عام، ولكن الله قسم ذلك بين عباده على ما يشاء وتلا هذه الآية.
ويروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام لأنه لا يختلف، ولكن يختلف في البلاد وينتزع من هاهنا جواب في تنكير البلدة والأنعام والأناسي كأنه قال: ليحيي به بعض البلاد الميتة، ونسقيه بعض الأنعام والأناسي وذلك البعض كثير. انتهى.
وقرأ عكرمة {صرَفناه} بتخفيف الراء.
{ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا} لما علم تعالى ما كابده الرسول من أذى قومه أعلمه أنه تعالى لو أراد لبعث في كل قرية نذيرًا فيخفف عنك الأمر ولكنه أعظم أجرك وأجلك إذ جعل إنذارك عامًا للناس كلهم، وخصك بذلك ليكثر ثوابك لأنه على كثرة المجاهدة يكون الثواب، وليجمع لك حسنات من آمن بك إذ أنت مؤسسها.
{فلا تطع الكافرين} يعني كفار قريش فإنهم كانوا استمعوا إليه ورغبوا أن يرجع إلى دين آبائهم ويملكونه عليهم ويجمعون له مالًا عظيمًا فنهاه تعالى عن طاعتهم حتى يظهر لهم أنه لا رغبة له في شيء من ذلك، لكن رغبته في الدعاء إلى الله والإيمان به.
{وجاهدهم به} أي القرآن أو بالإسلام أو بالسيف أو بترك طاعتهم و{جهادًا} مصدر وصف بكبيرًا لأنه يلزمه عليه السلام مجاهدة جميع العالم فهو جهاد كبير. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَهُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاسًا} بيانٌ لبعض بدائعِ آثارِ قُدرته تعالى وحكمتِه وروائعِ أحكامِ رحمتِه ونعمتِه الفائضِة على الخلق. وتلوينُ الخطابِ لتوفيةِ مقامِ الامتنانِ حقَّه. واللامُ متعلِّقةٌ بجعلَ وتقديمُها على مفعولَيْه للاعتناءِ ببيان كونِ ما يعقبه من منافعِهم. وفي تعقيبِ بيانِ أحوالِ الظلِّ بيانَ أحكامِ اللَّيلِ الذي هُو ظلُّ الأرضِ من لُطف المسلكِ ما لا مزيدَ عليه، أي هو الذي جعلَ لكُم اللَّيلَ كاللِّباسِ يسترُكم بظلامِه كما يسترُكم اللِّباسُ {والنوم سُبَاتًا} أي وجعلَ النَّومَ الذي يقعُ في اللَّيلِ غالبًا قطعًا عن الأفاعيل المختصَّة بحال اليقظةِ عبَّر عنه بالسُّباتِ الذي هو الموتُ لما بينها من المُشابهةِ التَّامةِ في انقطاعِ أحكامِ الحياةِ وعليه قوله تعالى: {وَهُوَ الذي يتوفاكم باليل} وقوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الانفس حِينَ مِوْتِهَا والتى لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} {وَجَعَلَ النهار نُشُورًا} أي زمانَ بعثٍ من ذلك السُّباتِ كبعثِ الموتى على حذفِ المضافِ وإقامةِ المضافِ إليه مُقامَه أو نفسُ البعثِ على طريق المبالغة وفيه إشارةٌ إلى أنَّ النَّومَ واليقظةَ أنموذجٌ للموتِ والنُّشورِ. وعن لُقمانَ عليه السَّلامُ: يا بُنيَّ كما تنامُ فتوقظُ كذلك تموتُ وتنشرُ.
{وَهُوَ الذي أَرْسَلَ الرياح} وقرئ بالتَّوحيدِ على أنَّ المرادَ هو الجنسُ {بَشَرًا} تخفيفُ بُشُرٍ جمع بَشُورٍ أي مُبشِّرينَ. وقرئ بُشْرى. وقرئ نُشْرًا بالنُّونِ جمعُ نَشُورٍ أي ناشرات للَّسَّحابِ وقرئ بالتَّخفيفِ وبفتحِ النُّونِ أيضًا على أنَّه مصدرٌ وُصف به مبالغةً. وقولُه تعالى: {بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} استعارةٌ بديعةٌ أي قُدامَ المطرِ. والالتفاتُ إلى نونِ العظمةِ في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء طَهُورًا} لإبرازِ كمالِ العنايةِ بالإنزالِ لأنَّه نتيجةُ ما ذُكر من إرسالِ الرِّياحِ أي أنزلنا بعظمتِنا بما رتَّبنا من إرسالِ الرِّياح من جهةِ الفوقِ ماءً بليغًا في الطَّهارةِ، وما قيل إنَّه ما يكون طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيرهِ فهو شرح لبلاغته في الطَّهارةِ كما ينبُىء عنه قوله تعالى: {وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السماء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ} فإنَّ الطَّهورَ في العربيةِ إمَّا صفةٌ كما تقول ماء طهور أو اسمٌ كما في قوله عليه الصَّلاةُ والسلامُ «التُّرابُ طهورُ المؤمنِ» وقد جاء معنى الطَّهارةِ كما في قولك تطهرتُ طَهورًا حسنًا كقولك وَضُوءًا حسنًا ومنه قوله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «لا صلاةَ إلا بطَهورٍ» ووصف الماءِ به إشعارٌ بتمام النِّعمةِ فيه وتتميم للنِّعمةِ فيما بعده فإنَّ الماءَ الطَّهورَ أهنأُ وأنفعُ ممَّا خالطه ما يزيل طهوريَّتَه وتنبيه على أنَّ ظواهرهم لما كانت ممَّا ينبغي أنْ يطهروها فبواطنُهم أحقُّ بذلك وأولى.
{لّنُحْيِىَ بِهِ} أي بما أنزلنا من الماءِ الطَّهورِ {بَلْدَةً مَّيْتًا} بإنبات النَّباتِ، والتَّذكيرُ لأنَّ البلدة بمعنى البلد ولأنَّه غير جارٍ على الفعل كسائر أبنية المبالغةِ فأُجريَ مُجرى الجامدِ، والمرادُ به القطعةُ من الأرضِ عامرةً كانت أو غامرةً. {وَنُسْقِيَهِ} أي ذلك الماءُ الطَّهورُ عند جريانه في الأوديةِ أو اجتماعه في الحياضِ والمنافعِ أو الآبارِ {مِمَّا خَلَقْنَا أنعاما وَأَنَاسِىَّ كَثِيرًا} أي أهلَ البَوادي الذي يعيشون بالحَيَا ولذلك نكَّر الأنعامَ والأَناسيَّ، وتخصيصهم بالذكر لأنَّ أهل القرى والأمصار يقيمون بقُرب الأنهار، والمنابعُ فيهم وبمالهم من الأنعام غنيةٌ عن سُقيا السَّماءِ، وسائرُ الحيوانات تبعدُ في طلب الماء فلا يُعوِزُها الشُّربُ غالبًا من أنَّ مساق الآيات الكريمة كما هو للدِّلالة على عِظمِ القُدرة فهو لتعدُّدِ أنواع النِّعمةِ، والأنعامُ حيث كانت قُنيةً للإنسان وعامة منافعهم ومعايشهم مَنوطةٌ بها قُدِّمَ سقيُها على سقيهم كما قُدِّم عليها إحياءُ الأرضِ فإنَّه سببٌ لحياتِها وتعيُّشِها. وقرئ نُسقيه وأَسْقَى وسَقَى لغتان وقيل: أسقاهُ جعل له سُقيا وأَناسيَّ جمع إنسيَ أو إنسانٍ كظَرابِيّ في ظِربَاء على أنَّ أصله أناسينَ فقُلبت نونُه ياءً وقرئ أَناسيْ بالتَّخفيفِ بحذف ياءِ أفاعيلَ كأناعمَ في أناعيمَ.
{ولقد صرفناه} أي وبالله لقد كررنا هذا القول الذي هو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر لما مر من الغايات الجميلة في القرآن وغيره من الكتب السماوية {بينهم} أي بين الناس من المتقدمين والمتأخرين {ليذكروا} ليتفكروا ويعرفوا بذلك كمال قدرته تعالى وواسع رحمته في ذلك ويقوموا بشكر نعمته حق قيام وقيل الضمير للمطر وتصريفه بينهم إنزاله في بعض البلاد دون غيرها أو في بعض الأوقات دون بعض أو جعله تارة وابلا وأخرى طلا وحينا ديمه ووقتا رهمة والأول هو الأظهر {فأبى أكثر الناس} ممن سلف وخلف {إلا كفورا} أي لم يفعل إلا كفران النعمة وقلة الاكتراث لها أو وإلا جحودها بأن يقولوا مطرنا بنوء كذا ولا يذكر وصنع الله تعالى ورحمته ومن لا يرى الأمطار إلا من الأنواء فهو كافر بخلاف من يرى أن الكل يخلق الله تعالى والأنواء أمارات لجعله تعالى.
{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا} نبيًَّا يُنذرُ أهلَها فيخفف عليك أعباءَ النبوةِ لكن لم نشأْ ذلك فلم نفعلْه بل قصرنا الأمرَ عليك حسبما ينطقُ به قوله تعالى: {لِيَكُونَ للعالمين نَذِيرًا} إجلالًا لك وتعظيمًا وتفضيلًا لك على سائر الرُّسلِ {فَلاَ تُطِعِ الكافرين} أي فقابل ذلك بالثَّباتِ والاجتهاد في الدَّعوةِ وإظهار الحقِّ والتَّشددِ معهم كأنَّه نهيٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم عن المُداراة معهم والتَّلطفِ في الدَّعوةِ لما أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان يودُّ أنْ يدخلُوا في الإسلام ويجتهدُ في ذلك بتأليفِ قلوبهم أشدَّ الاجتهاد {وجاهدهم بِهِ} أي بالقُرآن بتلاوةِ ما في تضاعيفِه من القوارع والزَّواجرِ والمَواعظِ وتذكير أحوال الأممِ المكذِّبةِ {جِهَادًا كَبيرًا} فإنَّ دعوةَ كلِّ العالمينَ على الوجهِ المذكورِ جهادٌ كبيرٌ لا يُقادرُ قدرُه كمًّا وكيفًا وقيل: الضَّميرُ المجرورُ لتِركِ الطَّاعةِ المفهوم من النَّهي عن الطَّاعةِ وأنتَ خبيرٌ بأنَّ مجرَّد تركِ الطَّاعةِ يتحقَّقُ بلا دعوةٍ أصلًا وليس فيه شائبةُ الجهادِ فضلًا عن الجهاد الكبيرِ اللهمَّ إلاَّ أنْ تجعلَ الباء للملابسةِ ليكون المعنى وجاهِدْهم بما ذُكر من أحكامِ القُرآن الكريم ملابَسًا بتركِ طاعتِهم كأنَّه قيل: فجاهدْهم بالشِّدَّةِ والعُنفِ لا بالمُلاءمةِ والمُداراةِ كما في قوله تعالى: {يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ} وقد جُعل الضَّميرُ لما دلَّ عليه قولُه تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا} من كونه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ نذيرَ كافَّةِ القُرى لأنَّه لو بُعث في كلِّ قرية نذيرًا لوجبَ على كلِّ نذير مجاهدةُ قريتِه فاجتمعتْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تلك المجاهداتُ كلُّها فكبُر من أجلِ ذلك جهادُه وعظُم فقيل له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وجاهدْهم بسببِ كونِك نذيرَ كافَّةِ القُرى جهادًا كبيرًا جامعًا لكلِّ مُجاهدةٍ. وأنت خبيرٌ بأنَّ بيانَ سبب كِبَرِ المُجاهدةِ بحسب الكميَّةِ ليس فيه مزيدُ فائدةٍ فإنَّه بيِّنٌ بنفسِه وإنَّما اللائقُ بالمقامِ بيانُ سببِ كبرِها وعظمِها في الكيفيَّةِ. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَهُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاسًا} بيان لبعض بدائع آثار قدرته عز وجل وروائع أحكام رحمته ونعمته الفائضة على الخلق، وتلوين الخطاب لتوفية مقام الامتنان حقه، واللام متعلقة بجعل وتقديمها على مفعوليه للاعتناء ببيان كون ما بعد من منافعهم، وفي تعقيب بيان أحوال الظل ببيان أحكام الليل الذي هو ظل الأرض من لطف المسلك ما لا مزيد عليه أي وهو الذي جعل لنفعكم الليل كاللباس يستركم بظلامه كما يستركم اللباس {وَ} جعل {النَّوْمَ} الذي يقع فيه غالبًا بسبب استيلاء الأبخرة على القوى عادة، وقيل: بشم نسيم يهب من تحت العرش ولا يكاد يصح.